الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
فهذا تمام البحث عن هذا الجواب المشهور، ونقل الواحدي في البسيط عن مقاتل أنه قال: خلق الله السموات قبل الأرض وتأويل قوله: {ثُمَّ استوى إِلَى السماء} ثم كان قد استوى إلى السماء وهي دخان، وقال لها قبل أن يخلق الأرض فأضمر فيه كان كما قال تعالى: {قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ} [يوسف: 77] معناه إن يكن سرق، وقال تعالى: {وَكَم مّن قَرْيَةٍ أهلكناها فَجَاءهَا بَأْسُنَا} [الأعراف: 4] والمعنى فكان قد جاءها، هذا ما نقله الواحدي وهو عندي ضعيف، لأن تقدير الكلام ثم كان قد استوى إلى السماء، وهذا جمع بين الضدين لأن كلمة {ثُمَّ} تقتضي التأخير، وكلمة كان تقتضي التقديم والجمع بينهما يفيد التناقض، وذلك دليل على أنه لا يمكن إجراؤه على ظاهره وقد بينا أن قوله: {ائتيا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا} إنما حصل قبل وجودهما، وإذا كان الأمر كذلك امتنع حمل قوله: {ائتيا} على الأمر والتكليف، فوجب حمله على ما ذكرناه، بقي على لفظ الآية سؤالات.السؤال الأول: ما الفائدة في قوله تعالى: {فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائتيا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا}؟ الجواب: المقصود منه إظهار كمال القدرة والتقدير: ائتيا شئتما ذلك أو أبيتما، كما يقول الجبار لمن تحت يده لتفعلن هذا شئت أو لم تشأ، ولتفعلنه طوعًا أو كرهًا، وانتصابهما على الحال بمعنى طائعين أو مكرهين {قَالَتَا أَتَيْنَا} على الطوع لا على الكره، وقيل إنه تعالى ذكر السماء والأرض ثم ذكر الطوع والكره، فوجب أن يتصرف الطوع إلى السماء والكره إلى الأرض بتخصيص السماء بالطوع لوجوه أحدها: أن السماء في دوام حركتها على نهج واحد لا يختلف، تشبه حيوانًا مطيعًا لله تعالى بخلاف الأرض فإنها مختلفة الأحوال، تارة تكون في السكون وأخرى في الحركات المضطربة وثانيها: أن الموجود في السماء ليس لها إلا الطاعة، قال تعالى: {يخافون رَبَّهُمْ مّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [النحل: 50] وأما أهل الأرض فليس الأمر في حقهم كذلك وثالثها: السماء موصوفة بكمال الحال في جميع الأمور، قالوا إنها أفضل الألوان وهي المستنيرة، وأشكالها أفضل الأشكال وهي المستديرة، ومكانها أفضل الأمكنة وهو الجو العالي، وأجرامها أفضل الأجرام وهي الكواكب المتلألئة بخلاف الأرض فإنها مكان الظلمة والكثافة واختلاف الأحوال وتغير الذوات والصفات، فلا جرم وقع التعبير عن تكون السماء بالطوع وعن تكون الأرض بالكره، وإذا كان مدار خلق الأرض على الكره كان أهلها موصوفين أبدًا بما ويوجب الكره والكرب والقهر والقسر.السؤال الثاني: ما المراد من قوله: {ائتيا} ومن قوله: {أتينا}؟ الجواب: المراد ائتيا إلى الوجود والحصول وهو كقوله: {كُنْ فَيَكُونُ} [البقرة: 117] وقيل المعنى ائتيا على ما ينبغي أن تأتيا عليه من الشكل والوصف، أي بأرض مدحوة قرارًا ومهادًا وأي بسماء مقببة سقفًا لهم، ومعنى الإتيان الحصول والوقوع على وفق المراد، كما تقول أتى عمله مرضيًا وجاء مقبولًا، ويجوز أيضًا أن يكون المعنى لتأتي كل واحدة منكم صاحبتها الإتيان الذي تقتضيه الحكمة والتدبير من كون الأرض قرارًا للسماء وكون السماء سقفًا للأرض.السؤال الثالث: هلا قيل طائعين على اللفظ أو طائعات على المعنى، لأنهما سموات وأرضون؟ الجواب: لما جعلن مخاطبات ومجيبات ووصفن بالطوع والكره قيل طائعين في موضع طائعات نحو قوله: {ساجدين} [الأعراف: 120] ومنهم من استدل به على كون السموات أحياء وقال الأرض في جوف السموات أقل من الذرة الصغيرة في جوف الجبل الكبير، فلهذا السبب صارت اللفظة الدالة العقل والحياة غالبة، إلا أن هذا القول باطل، لإجماع المتكلمين على فساده.ثم قال تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سموات فِي يَوْمَيْنِ} وقضاء الشيء إنما هو إتمامه والفراغ منه والضمير في قوله: {فَقَضَاهُنَّ} يجوز أن يرجع إلى السماء على المعنى كما قال: {طَائِعِينَ} ونحوه {أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} [الحاقة: 7] ويجوز أن يكون ضميرًا مبهمًا مفسرًا بسبع سموات والفرق بين النصبين أن أحدهما على الحال والثاني على التمييز.ذكر أهل الأثر أنه تعالى خلق الأرض في يوم الأحد والإثنين وخلق سائر ما في الأرض في يوم الثلاثاء والأربعاء، وخلق السموات وما فيها في يوم الخميس والجمعة وفرغ في آخر ساعة من يوم الجمعة فخلق فيها آدم وهي الساعة التي تقوم فيها القيامة، فإن قيل اليوم عبارة عن النهار والليل وذلك إنما يحصل بسبب طلوع الشمس وغروبها، وقبل حدوث السموات والشمس والقمر كيف يعقل حصول اليوم؟ قلنا معناه إنه مضى من المدة ما لو حصل هناك فلك وشمس لكان المقدار مقدرًا بيوم.ثم قال تعالى: {وأوحى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا} قال مقاتل أمر في كل سماء بما أراد، وقال قتادة خلق فيها شمسها وقمرها ونجومها، وقال السدي خلق في كل سماء خلقها من الملائكة وما فيها من البحار وجبال البرد، قال ولله في كل سماء بيت يحج إليه ويطوف به الملائكة كل واحد منها مقابل الكعبة ولو وقعت منه حصاة ما وقعت إلا على الكعبة، والأقرب أن يقال قد ثبت في علم النحو أنه يكفي في حسن الإضافة أدنى سبب، ولله تعالى على أهل كل سماء تكليف خاص، فمن الملائكة من هو في القيام من أول خلق العالم إلى قيام القيامة، ومنهم ركوع لا ينتصبون ومنهم سجود لا يرفعون، وإذا كان ذلك الأمر مختصًا بأهل ذلك السماء كان ذلك الأمر مختصًا بتلك السماء، وقوله تعالى: {وأوحى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا} أي وكان قد خص كل سماء بالأمر المضاف إليها كقوله: {وَكَم مّن قَرْيَةٍ أهلكناها فَجَاءهَا بَأْسُنَا} [الأعرف: 4] والمعنى فكان قد جاءها، هذا ما نقله الواحدي وهو عندي ضعيف لأن تقدير الكلام ثم كان قد استوى إلى السماء وكان قد أوحى، وهذا جمع بين الضدين لأن كلمة ثم تقتضي التأخير وكلمة كان تقتضي التقديم فالجمع بينهما تفيد التناقض، ونظيره قول القائل ضربت اليوم زيدًا ثم ضربت عمرًا بالأمس، فكما أن هذا باطل فكذا ما ذكرتموه وإنما يجوز تأويل كلام الله بما لا يؤدي إلى وقوع التناقض والركاكة فيه، والمختار عند أي يقال خلق السموات مقدم على خلق الأرض، بقي أن يقال كيف تأويل هذه الآية؟ فنقول: الخلق ليس عبارة عن التكوين والإيجاد، والدليل عليه قوله: {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال كن فيكون} [آل عمران: 59] فلو كان الخلق عبارة عن الإيجاد والتكوين لكان تقدير الآية أوجده من تراب ثم قال له كن فيكون وهذا محال، لأنه يلزم أنه تعالى قد قال للشيء الذي وجد كن ثم إنه يكون وهذا محال، فثبت أن الخلق ليس عبارة عن التكوين والإيجاد، بل هو عبارة عن التقدير، والتقدير حق الله تعالى هو حكمه بأنه سيوجده وقضاؤه بذلك، وإذا ثبت هذا فنقول قوله: {خَلَقَ الأرض فِي يَوْمَيْنِ} معناه أنه قضى بحدوثه في يومين، وقضاء الله بأنه سيحدث كذا في مدة كذا، لا يقتضي حدوث ذلك الشيء في الحال، فقضاء الله تعالى بحدوث الأرض في يومين قد تقدم على إحداث السماء، ولا يلزم منه تقدم إحداث الأرض على إحدث السماء، وحينئذٍ يزول السؤال، فهذا ما وصلت إليه في هذه الموضع المشكل.ثم قال تعالى: {فَقَالَ لَهَا وَللأَرْضِ ائتيا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ}.واعلم أن ظاهر هذا الكلام يقتضي أن الله تعالى أمر السماء والأرض بالإتيان فأطاعا وامتثلا وعند هذا حصل في الآية قولان:القول الأول: أن تجري هذه الآية على ظاهرها فنقول: إن الله تعالى أمرهما بالإتيان فأطاعاه قال القائلون بهذا القول وهذا غير مستبعد، ألا ترى أنه تعالى أمر الجبال أن تنطق مع داود عليه السلام فقال: {ياجبال أَوّبِي مَعَهُ والطير} [سبأ: 10] والله تعالى تجلى للجبل قال: {فَلَمَّا تجلى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} [الأعراف: 143] والله تعالى أنطق الأيدي والأرجل فقال: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [النور: 24] وإذا كان كذلك فكيف يستبعد أن يخلق الله في ذات السماء والأرض حياة وعقلًا وفهمًا، ثم يوجه الأمر والتكليف عليهما، ويتأكد هذا الاحتمال بوجوه الأول: أن الأصل حمل اللفظ على ظاهره إلا إذا منع منه مانع، وههنا لا مانع، فوجب إجراؤه على ظاهره الثاني: أنه تعالى أخبر عنهما، فقال: {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} وهذا الجمع جمع ما يعقل ويعلم الثالث: قوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الأمانة عَلَى السموات والأرض والجبال فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا} [الأحزاب: 72] وهذا يدل على كونها عارفة بالله، مخصوصة بتوجيه تكاليف الله عليها، والإشكال عليه أن يقال: المراد من قوله: {ائتيا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا} الإتيان إلى الوجود والحدوث والحصول وعلى هذا التقدير فحال توجه هذا الأمر كانت السموات والأرض معدومة، إذ لو كانت موجودة لصار حاصل هذا الأمر أن يقال: يا موجود كن موجودًا، وذلك لا يجوز فثبت أنها حال توجه هذا الأمر عليها كانت معدومة، وإذا كانت معدومة لم تكن فاهمة ولا عارفة للخطاب، فلم يجز توجيه الأمر عليها، فإن قال قائل: روى مجاهد عن ابن عباس أنه قال: قال سبحانه للسموات أطلعي شمسك وقمرك ونجومك، وقال للأرض شققي أنهارك وأخرجي ثمارك، وكان الله تعالى أودع فيهما هذه الأشياء ثم أمرهما بإبرازها وإظهارها، فنقول فعلى هذا التقدير لا يكون المراد من قوله: {أَتَيْنَا طَائِعِينَ} حدوثهما في ذاتهما، بل يصير المراد من هذا الأمر أن يظهرا ما كان مودعًا فيهما، إلا أن هذا الكلام باطل، لأنه تعالى قال: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سموات فِي يَوْمَيْنِ} والفاء للتعقيب، وذلك يدل على أن حدوث السموات إنما حصل بعد قوله: {ائتيا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا} فهذا جملة ما يمكن ذكره في هذا البحث.القول الثاني: أن قوله تعالى: {قَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائتيا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا} ليس المراد منه توجيه الأمر والتكليف على السموات والأرض بل المراد منه أنه أراد تكوينهما فلم يمتنعا عليه ووجدتا كما أرادهما، وكانتا في ذلك المأمور المطيع إذا ورد عليه أمر الأمير المطاع، ونظيره قول القائل: قال الجدار للوتد لم تشقني؟ قال الوتد: أسأل من يدقني، فإن الحجر الذي ورائي ما خلاني ورائي.واعلم أن هذا عدول عن الظاهر، وإنما جاز العدول عن الظاهر إذ قام دليل على أنه لا يمكن إجراؤه على ظاهره، وقد بينا أن قوله: {ائتيا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا} إنما حصل قبل وجودهما، وإذا كان الأمر كذلك امتنع حمل قوله: {ائتيا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا} على الأمر والتكليف، فوجب حمله على ما ذكرنا.واعلم أن إثبات الأمر والتكليف فيهما مشروط بحصول المأمور فيهما، وهذا يدل على أنه تعالى أسكن هذه السموات الملائكة، أو أنه تعالى أمرهم بأشياء ونهاهم عن أشياء، وليس في الآية ما يدل على أنه إنما خلق الملائكة مع السموات، أو أنه تعالى خلقهم قبل السموات، ثم إنه تعالى أسكنهم فيها، وأيضًا ليس في الآية بيان الشرائع التي أمر الملائكة بها، وهذه الأسرار لا تليق بعقول البشر، بل هي أعلى من مصاعد أفهامهم ومرامي أوهامهم، ثم قال: {وَزَيَّنَّا السماء الدنيا بمصابيح} وهي النيرات التي خلقها في السموات، وخص كل واحد بضوء معين، وسر معين، وطبيعة معينة، لايعرفها إلا الله، ثم قال: {وَحِفْظًا} يعني وحفظناها حفظا، يعني من الشياطين الذين يسترقون السمع، فأعد لكل شيطان نجمًا يرميه به ولا يخطئه، فمنها ما يحرق، ومنها ما يقتل ومنها ما يجعله مخبلًا، وعن ابن عباس أن اليهود سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم عن خلق السموات والأرض فقال: «خلق الله تعالى الأرض في يوم الأحد والاثنين، وخلق الجبال والشجر في يومين وخلق في يوم الخميس السماء، وخلق في يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والملائكة، ثم خلق آدم عليه السلام وأسكنه الجنة» ثم قالت اليهود ثم ماذا يا محمد؟ قال «ثم استوى على العرش» قالوا: ثم استراح فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل قوله تعالى: {وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ} [ق: 38].واعلم أنه تعالى لما ذكر هذه التفاصيل، قال: {ذلك تَقْدِيرُ العزيز العليم} والعزيز إشارة إلى كمال القدرة، والعليم إشارة إلى كمال العلم، وما أحسن هذه الخاتمة، لأن تلك الأعمال لا تمكن إلا بقدرة كاملة وعلم محيط. اهـ.
.قال القرطبي: قوله تعالى: {قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بالذي خَلَقَ الأرض فِي يَوْمَيْنِ} {أَئِنَّكُمْ} بهمزتين الثانية بين بين و{أَائِنَّكُمْ} بألف بين همزتين وهو استفهام معناه التوبيخ.أمره بتوبيخهم والتعجب من فعلهم، أي لِمَ تكفرون بالله وهو خالق السموات والأرض؟ا {فِي يَوْمَيْنِ} الأحد والاثنين.{وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا} أي أضدادًا وشركاء {ذَلِكَ رَبُّ العالمين وَجَعَلَ فِيهَا} أي في الأرض {رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا} يعني الجبال.وقال وهب: لما خلق الله الأرض مادت على وجه الماء؛ فقال لجبريل: ثَبِّتها يا جبريل.فنزل فأمسكها فغلبته الرياح، قال: يا رب أنت أعلم لقد غُلِبت فيها فثبَّتَها بالجبال وأرساها {وَبَارَكَ فِيهَا} بما خلق فيها من المنافع.قال السدي: أنبت فيها شجرها.{وَقَدَّرَ فِيهَا أقْوَاتَهَا} قال السدي والحسن: أرزاق أهلها ومصالحهم.وقال قتادة ومجاهد: خلق فيها أنهارها وأشجارها ودوابها في يوم الثلاثاء والأربعاء.وقال عكرمة والضحاك: معنى {قَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا} أي أرزاق أهلها وما يصلح لمعايشهم من التجارات والأشجار والمنافع في كل بلدة ما لم يجعله في الأخرى ليعيش بعضهم من بعض بالتجارة والأسفار من بلد إلى بلد.قال عكرمة: حتى إنه في بعض البلاد ليتبايعون الذهب بالملح مِثلًا بمثل.وقال مجاهد والضحاك: السابريّ من سابور، والطيالسة من الرّي، والحبر اليمانية من اليمن.{في أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ} يعني في تتمة أربعة أيام.ومثاله قول القائل: خرجت من البصرة إلى بغداد في عشرة أيام، وإلى الكوفة في خمسة عشر يومًا؛ أي في تتمة خمسة عشر يومًا.قال معناه ابن الأنباري وغيره.{سَوَاءً لِّلسَّآئِلِينَ} قال الحسن: المعنى في أربعة أيام مستوية تامة.الفراء: في الكلام تقديم وتأخير، والمعنى: وقدر فيها أقواتها سواء للمحتاجين.واختاره الطبري.وقرأ الحسن البصري ويعقوب الحضرمي {سَوَاءٍ لِلسَّائِلِينَ} بالجر.وعن ابن القعقاع {سَواءٌ} بالرفع؛ فالنصب على المصدر و{سَوَاءً} بمعنى استواء أي استوت استواء.وقيل: على الحال والقطع؛ والجر على النعت لأيام أو لأربعة أي {فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ} مستوية تامة.والرفع على الابتداء والخبر {لِلسَّائِلِينَ} أو على تقدير هذه {سَوَاءٌ لِلسَّائِلِينَ}.وقال أهل المعاني: معنى {سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} ولغير السائلين؛ أي خلق الأرض وما فيها لمن سأل ولمن لم يسأل، ويعطي من سأل ومن لا يسأل.قوله تعالى: {ثُمَّ استوى إِلَى السماء وَهِيَ دُخَانٌ} أي عَمَد إلى خلقها وقصد لتسويتها.والاستواء من صفة الأفعال على أكثر الأقوال؛ يدل عليه قوله تعالى: {ثُمَّ استوى إِلَى السماء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} [البقرة: 29] وقد مضى القول هناك.
|